هل هي ثورة معمارية خضراء؟ ...الدليل الشامل لأهم معايير الاستدامة العالمية

ما الذي يجعل هذه المعايير مختلفة؟ وكيف يتم تقييم المباني؟ وما جدواها الاقتصادية والعلمية؟

Construct Vision Team

6/29/20252 دقيقة قراءة

في عالم يواجه تحديات بيئية غير مسبوقة، لم يعد المعمار مجرد فنٍّ بصري أو وظيفة إنشائية، بل أصبح سلاحًا ناعمًا في معركة إنقاذ كوكبنا. بين أزمات الطاقة، وانبعاثات الكربون، وتراجع جودة الحياة الحضرية، يبرز سؤال حتمي: كيف يمكن للمباني أن تكون جزءًا من الحل وليس من المشكلة؟

من هنا، وُلد نظام LEED – أحد أهم المعايير البيئية العالمية التي تعيد تعريف معنى “المبنى المتميز”. لم تعد الفخامة تكمن في الزجاج اللامع أو الهياكل المعقدة، بل في الكفاءة، والاستدامة، والأثر الإيجابي طويل الأمد.

لكن، ما الذي يجعل هذه المعايير مختلفة؟ وكيف يتم تقييم المباني؟ وما جدواها الاقتصادية والعلمية؟

في هذا المقال، نأخذك في رحلة شاملة إلى قلب نظام "LEED" من جذوره الأولى، إلى تطبيقاته الأكثر تقدمًا، وصولًا إلى ارتباطه بجذور العمارة التقليدية المستدامة في عالمنا العربي، حيث كانت الاستدامة جزءًا فطريًا من تصميم بيوتنا وأفنيتنا وأسواقنا.

لنكتشف معًا كيف تتحول المعايير إلى حركة، والمعمار إلى رسالة.

ما هو نظام LEED؟

هي اختصار لـ Leadership in Energy and Environmental Design، أي "الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة"، وهو نظام عالمي لتقييم المباني الخضراء أطلقه مجلس المباني الخضراء الأمريكي (USGBC) في عام 1998.

تم ابتكار هذا النظام استجابةً لحاجة متزايدة لضبط جودة المباني ليس فقط من حيث التصميم والراحة، بل من حيث أثرها البيئي وقدرتها على تقليل استهلاك الموارد الطبيعية.

ما يميز LEED:

· ليس مجرد دليل تصميم، بل أداة تقييم صارمة تُمنح من خلالها شهادة توثّق التزام المشروع بالمعايير البيئية.

· يُستخدم في أكثر من 180 دولة حول العالم، وقد أصبحت شهادته معيارًا دوليًا للتميز في الاستدامة العمرانية.

· يغطي أنواعًا متعددة من المشاريع:
المباني الجديدة – التجديدات –الأحياء المجتمعية –المدارس –الفنادق – وحتى المطارات.

الهدف من LEED:

· خفض استهلاك الطاقة والمياه.

· تقليل الانبعاثات الكربونية.

· تحسين جودة الهواء الداخلي.

· تعزيز صحة المستخدمين وراحتهم النفسية والجسدية.

· إدارة أفضل للموارد والمواد.

متى يُعتبر المبنى حاصلًا على تقييم LEED عالي؟

يتم تقييم كل مبنى بناءً على مجموعة من النقاط المتراكمة، كلما حصل المشروع على نقاط أعلى ضمن مجالات الاستدامة المختلفة، ارتفع مستوى الشهادة (من المعتمد إلى البلاتينيوم).
وسنشرح في القسم التالي كيف يتم ذلك تفصيلًا.

كيف يعمل نظام التقييم في LEED؟ (LEED Rating System & Points Structure)

نظام LEED مبني على نظام نقاط يتوزع عبر عدة فئات رئيسية تتعلق بالاستدامة وجودة البيئة المبنية. خلال عملية التقييم، يتم منح المشروع عددًا من النقاط بحسب مدى التزامه بالمعايير المحددة، ثم تُجمع هذه النقاط لتحديد مستوى الشهادة، وسنذكر أدناه مستويات الشهادة في LEED.

الفئات الأساسية التي يُقيم عليها المشروع:

1. الموقع والاستدامة البيئية (Location & Sustainable Sites)

اختيار الموقع المناسب لتقليل التأثير البيئي.

تقليل العوامل التي تؤثر على الأنظمة البيئية المحيطة (كجريان المياه أو إزالة الغطاء النباتي).

2. كفاءة استهلاك المياه (Water Efficiency)

اعتماد أنظمة توفير المياه.

استخدام تقنيات مثل إعادة تدوير المياه الرمادية أو أنظمة تجميع مياه الأمطار.

3. كفاءة الطاقة والجو (Energy & Atmosphere)

تقليل استهلاك الطاقة.

استخدام مصادر طاقة متجددة (كالطاقة الشمسية أو الحرارية).

تحسين أنظمة التدفئة والتبريد.

4. المواد والموارد (Materials & Resources)

استخدام مواد بناء مستدامة، مُعاد تدويرها أو قابلة لإعادة الاستخدام.

تقليل النفايات خلال البناء والتشغيل.

5. جودة البيئة الداخلية (Indoor Environmental Quality)

تحسين جودة الهواء الداخلي.

استخدام مواد غير سامة.

ضمان الإضاءة والتهوية الطبيعية.

6. الابتكار والتصميم (Innovation in Design)

يمنح المشروع نقاطًا إضافية إذا قدّم حلولًا مبتكرة تتجاوز المتطلبات الأساسية.

يشجع التفكير الإبداعي في تصميم المساحات.

7. الأولوية الإقليمية (Regional Priority)

يعزز التركيز على التحديات البيئية الخاصة بكل منطقة جغرافية.

كيف يتم التقديم للحصول على شهادة LEED؟

1. تسجيل المشروع في موقع USGBC الرسمي.

2. تقديم الوثائق التقنية والرسومات التفصيلية.

3. مراجعة شاملة من قبل لجنة اعتماد.

4. إصدار الشهادة بناءً على النقاط المستحقة.

نظام LEED لا يمنح النقاط عشوائيًا، بل يتم تحديد عدد النقاط لكل فئة وفقًا لعدة اعتبارات:

1- التأثير البيئي طويل المدى (Environmental Impact Weighting)

يتم تقييم كل فئة بناءً على مدى مساهمتها في حل أبرز التحديات البيئية العالمية، مثل:

· تغير المناخ.

· تدهور التنوع البيولوجي.

· ندرة الموارد الطبيعية.

· تلوث الهواء والماء.

مثال:
فئة
"الطاقة والجو" تحصل على أعلى نسبة من النقاط (حتى 33 نقطة) لأنها تؤثر مباشرة في خفض الانبعاثات الكربونية والطاقة المستهلكة، وهما من أكبر مصادر التدهور البيئي.

2- إمكانية التطبيق العملي والتأثير المباشر

الفئات التي يمكن تطبيق حلولها بسهولة نسبيًا في مشاريع البناء وتحقيق أثر ملموس تحصل على نقاط أعلى.

مثال:

كفاءة استهلاك المياه: لها أهمية كبيرة في المناطق القاحلة، لذلك قد يُعاد وزنها وفقًا للموقع الجغرافي.

الموقع والاستدامة البيئية: تمنح نقاطًا إضافية إذا تجنب المشروع البناء على أراضٍ حساسة بيئيًا أو وفر وسائل نقل عام.

3- لأولوية الإقليمية (Regional Priority)

بعض النقاط تُمنح للمشاريع التي تتعامل مع مشكلات بيئية محددة في منطقتها الجغرافية. يتم تحديد هذه الأولويات من قبل USGBC حسب كل منطقة في العالم.

مثال:

في منطقة تعاني من شحّ المياه، تُمنح نقاط إضافية لأي مشروع يستخدم تقنيات حفظ المياه المتقدمة.

4- القيمة الابتكارية والريادة (Innovation & Leadership)

في فئة الابتكار، تُمنح نقاط للمشاريع التي:

· تطبّق حلولاً تتجاوز الحد الأدنى المطلوب.

· تطبّق تقنيات جديدة غير شائعة.

· تستخدم استراتيجيات تشغيل مبتكرة ومستدامة.

5- التوثيق الصارم والتحقق من التطبيق

حتى لو كان الحل جيدًا بيئيًا، فإن عدم وجود توثيق كافٍ (رسوم، مواصفات، تقارير قياس) يمكن أن يمنع المشروع من الحصول على النقاط.

ملاحظات مهمة:

عدد النقاط الإجمالي يتفاوت حسب نظام LEED المستخدم:

                                                                                                        LEED BD+C للمباني الجديدة

                                                                                                           LEED O+M للمباني المشغّلة

                                                                                                          LEED Homes

                                                                                                        LEED ND للتخطيط الحضري.

      .. إلخ.         

كيف تبدأ رحلة مشروعك نحو الاعتماد بـ LEED؟

مع تعقيد المعايير وتنوعها، قد يبدو الحصول على اعتماد LEED مهمة شاقة، لكنها تصبح أكثر وضوحاً عند اتباع نهج منظم ومدروس، إليك مراحل البدء نحو مشروع مستدام معتمد:

1- اختيار نظام التقييم المناسب

تحدد طبيعة المشروع النظام الفرعي من LEED الذي ينبغي اتباعه، مثل:

                                                                LEED BD+C: للمباني الجديدة أو التجديدات الكبرى

                                                                LEED ID+C: لتجهيزات المساحات الداخلية

                                                                LEED O+M: لإدارة وصيانة المباني المشغولة فعلياً.

                                                               LEED ND: للمجتمعات والأحياء الجديدة.

2- تسجيل المشروع (Project Registration)

يُسجل المشروع على منصة LEED Online الرسمية:

· يتطلب إنشاء حساب في موقع "USGBC".

· تُدفع رسوم تسجيل تختلف حسب نوع المشروع وعضوية الشركة، كل نوع من أنظمة LEED له رسوم خاصة، كما تختلف الرسوم فيما لو كانت الجهة المسجّلة عضو في USGBC.

ويتطلب ذلك: تحديد موقع المشروع ومساحته ووظيفته، تحديد الجهة المالكة والمستشارين المعتمدين.

3- تحديد النقاط المستهدفة وجمع الوثائق والأدلة لكل نقطة:

· يتم تحليل الإمكانات البيئية والميزانية، لتحديد النقاط التي يمكن تحقيقها فعلياً.

· توضع خطة عمل لكل فئة من فئات التقييم، مع آلية لتوثيق الإنجاز.

يبدأ فريق المشروع بجمع البيانات، الحسابات، والنماذج التي تثبت استحقاق كل نقطة من النقاط. تتضمن هذه الوثائق مثلاً:

تحاليل أداء الطاقة

خطط إدارة النفايات

توثيق مصادر المواد المستدامة

إثباتات جودة الهواء وجودة المياه

4- توثيق الإجراءات وإرسالها

· تُجمع كل الأدلة والتقارير والمخططات التي تُثبت استيفاء كل نقطة.

· تُرفع إلى المنصة ويتم التقييم من قبل لجنة LEED..

5- المراجعة والاعتماد

· يحصل المشروع أولاً على مراجعة أولية تعرف ب "Review & Appeal Process"

· يمكن بعد ذلك تعديل أو استكمال النقاط قبل الوصول إلى المراجعة النهائية خلال مدة 25 يوما (كحد أقصى بدون رسوم إضافية).

· يصدر الاعتماد وفق مجموع النقاط النهائي.

كما ويوصى دائما بتشكيل فريق مستدام (Sustainability Team)بحيث يضم الفريق: مهندس معماري، مهندس ميكانيكي/كهربائي، مدير LEED معتمد (LEED AP)، مستشار استدامة إن وُجد.

هذا الفريق يضمن تحقيق النقاط المطلوبة بتكامل الجوانب التصميمية والتنفيذية ولكنه ليس شرطاً للتقدم.

ما مستويات الشهادات التي تمنحها LEED؟

نظام LEED يعتمد على نظام تقييم بالنقاط، وكل مستوى من الشهادة يعكس مدى التزام المبنى بمعايير الاستدامة. وبناءً على عدد النقاط التي يجمعها المشروع من خلال تطبيق المعايير المختلفة، يتم منحه أحد المستويات الأربعة التالية:

                                                                                                                                       LEED Certified

40–49 نقطة الحد الأدنى من الالتزام بالممارسات المستدامة.

                                                                                                                                            LEED Silver

50–59 نقطة مستوى أعلى يعكس تحسينات واضحة في الكفاءة.

                                                                                                                                              LEED Gold

60–79 نقطة مستوى متقدم يعكس التزامًا قويًا بالاستدامة.

                                                                                                                                       LEED Platinum

80 نقطة فما فوق أعلى تقييم ممكن، يعكس التميز في جميع جوانب التصميم الأخضر.

ما هو الهدف من هذا النظام التدرّجي؟  هذا التدرّج في المستويات يتيح:

· تحفيز المنافسة بين المشاريع لتحقيق أداء بيئي أفضل.

· مرونة للشركات والمؤسسات لاختيار أهداف تناسب ميزانياتها وظروفها.

· تشجيع التطوير المستمر، حيث تسعى المشاريع للانتقال من مستوى إلى آخر في مراحل لاحقة.

ما انعكاس تفاوت تقييم LEED على المشروع؟

كل مستوى من تقييم LEED لا يُعد فقط تصنيفاً جمالياً أو بيئياً، بل ينعكس مباشرة على سمعة المشروع، قيمته السوقية، وجاذبيته الاستثمارية. إليك كيف يؤثر تفاوت التقييم:

                                                                                LEED Certified (40-49 نقطة)

يشير إلى التزام أساسي بالممارسات البيئية، ولكنه لا يُحدث تأثيرًا جذريًا في كفاءة الطاقة أو تقليل الأثر البيئي، لذا يكون مردوده المعنوي والتسويقي محدودًا نسبيًا.

                                                                 LEED Silver وGold LEED (50-79 نقطة)

تؤكد هذه المستويات وجود استراتيجيات واضحة لتحسين جودة الهواء، استهلاك المياه والطاقة، وتقنيات إدارة الموارد، مما يعزز ثقة المستخدمين والمستثمرين بالمشروع.

                                                                            LEED Platinum (80 نقطة فأكثر)

يُعتبر شهادة تميز رفيعة، ويُعد مشروعًا مرجعيًا في الاستدامة، مما يجذب الشركات العالمية، المؤسسات الأكاديمية، والمستخدمين الواعين بيئيًا. غالبًا ما يحظى بامتيازات حكومية، وتسهيلات تمويل، وتقدير مجتمعي أعلى.

كما أن تفاوت التقييم يؤثر على:

· تكاليف التشغيل طويلة الأمد فكلما ارتفع التقييم، قلت استهلاكات الطاقة والصيانة.

· إمكانية التأجير أو البيع المباني الأعلى تقييمًا تُؤجَر وتُباع أسرع وبقيمة أعلى.

· الامتثال التنظيمي في بعض المدن، قد تكون الشهادة شرطًا أو تمنح حوافز.

  الاستدامة ليست مفهوماً جديدًا: جذورنا كانت سبّاقة

رغم أن نظام LEED قد يبدو حديثًا ومطورًا في إطار عالمي، إلا أن فلسفة الاستدامة ليست مستوردة بالكامل إطلاقاً، بل يمكن القول إنها امتداد حضاري لما مارسه أجدادنا ببديهة معمارية فطرية في العمارة التقليدية.

ففي المدن العربية القديمة، من صنعاء إلى القاهرة، ومن فاس إلى بغداد، كانت الاستدامة هي القاعدة وليست الاستثناء:

· استخدام المواد المحلية (الطين، الحجر، الخشب) لتحقيق التوازن البيئي وخفض البصمة الكربونية.

· التهوية الطبيعية من خلال الأفنية والفتحات المدروسة، وملاقف الهواء (Wind Catchers) .

· التظليل السلبي عبر المشربيات، والجدران السميكة، والتوجيه الشمسي المدروس.

· أنظمة حصاد مياه الأمطار وإعادة استخدامها في الري والتنظيف.

ما تفعله معايير مثل LEED اليوم هو أنها تعيد صياغة هذه المبادئ ضمن قوالب علمية قابلة للقياس والتقييم الدولي، وتضيف إليها عناصر وتقنيات العصر: كفاءة الطاقة، الأنظمة الذكية، تقنيات العزل الحديثة، وتحليل دورة الحياة للمبنى.

الاعتراف والحفاظ على هذه الجذور وتطويرها لا يُغني فقط التجربة التصميمية، بل يعزز من روح الانتماء إلى هوية معمارية عربية أصيلة، فنحن لا ننقل الاستدامة من الغرب، بل نُعيد اكتشافها بلغة معاصرة.

لذلك، عندما نعتمد LEED أو غيره من أنظمة التقييم البيئي، فنحن لا نتماهى فقط مع اتجاه عالمي مسؤول، بل نواصل سردًا عمره قرون من الانسجام بين العمارة والبيئة والإنسان.

نماذج بارزة لمشاريع حصلت على شهادة LEED

- برج بنك أمريكا - نيويورك (Bank of America Tower – New York)

· التقييم: LEED Platinum   · النظام المستخدم: LEED for Core & Shell

· أبرز مميزات المشروع:

نظام إعادة تدوير مياه الأمطار ومياه التكييف

استخدام الزجاج عالي الكفاءة لعزل الحرارة والضوء

تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة كبيرة

يستهلك طاقة أقل بـ 50% من المباني التقليدية

- مطار حمد الدولي – قطر (Hamad International Airport Expansion)

· التقييم: LEED Gold قيد التوسع إلى Platinum لبعض المنشآت      · النظام المستخدم: LEED for New Construction

· أبرز مميزات المشروع:

تصميم ديناميكي مستوحى من العمارة التقليدية

اعتماد حلول إضاءة طبيعية وتهوية متقدمة

إعادة استخدام المواد المحلية والموارد الطبيعية

برامج صارمة لإدارة النفايات

- مدينة مصدر – الإمارات (Masdar City – Abu Dhabi)

· التقييم: عدة مبانٍ داخل المدينة حصلت على LEED Platinum · النظام المستخدم: LEED for Neighborhood Development

· أبرز مميزات المشروع:

تعتمد بالكامل على الطاقة الشمسية والنقل المستدام

مدينة ذكية منخفضة الكربون

تحافظ على تراث العمارة الخليجية مع حلول تقنية متقدمة

أنظمة لتقليل استهلاك المياه بنسبة 54%

لماذا من المهم أن يتقن المعماريون والمهندسون معايير LEED؟

معايير LEED لم تعد مجرد "خيار إضافي"، بل أصبحت شرطًا أساسيًا في كبرى المشاريع الدولية والجهات الحكومية والخاصة، وهنا تكمن أهمية الإلمام بها:

1- ميزة تنافسية في السوق

امتلاك المهندس أو المكتب المعماري شهادة أو خبرة في LEED يعزز فرصه في الفوز بعقود مشاريع دولية، خاصة تلك الممولة من منظمات أو حكومات تهتم بالاستدامة.

2- فهم شامل لمفاهيم العمارة المستدامة

تعلم LEED لا يقتصر على التطبيق فقط، بل يمنح فهمًا متكاملاً للعوامل البيئية، الطاقية، المائية والاجتماعية التي تؤثر على المباني.

3- مشاركة فعالة في مستقبل المدن وبناء بيئة حضرية أفضل

مع تزايد التغير المناخي والتوسع العمراني، يصبح دور المعماريين والمهندسين حاسمًا في خلق بيئة عمرانية مرنة ومستدامة، ومعايير LEED توفر الأداة العملية لتحقيق ذلك.

مما يشجع المصممين على التفكير في أثر التصميم على المجتمع والمدينة:

هل يوفر الوصول لأصحاب الاحتياجات؟ هل يدعم التنقل المستدام؟ هل يستخدم المياه والموارد بإنصاف؟

4- المواكبة الدائمة لحلول وتقنيات البناء الأحدث

أثناء إعداد ملفات التقييم، يتعرف المصمم على أفضل المواد المحلية منخفضة البصمة الكربونية، وأنظمة التهوية والإضاءة عالية الكفاءة، وأنظمة التحكم الذكية.

مما يشكل فرصة لتجربة جديدة، ومختبر مفتوح للتعلم والنمو المهني.

المعايير لا تقيد الإبداع، بل توجهه نحو استخدام المواد، الطاقة، الضوء، والمياه بذكاء وظيفي وجمالي في آن معًا.

حيث يعمل المعماري مع باقي التخصصات ضمن رؤية واحدة شاملة منذ المراحل الأولى للمشروع.

5- فهم أعمق للعلاقة بين التصميم والأداء

يجبر المصمم على التفكير بما يحدث بعد البناء:

كيف سيتفاعل المستخدم مع الفضاء؟

هل سيستهلك طاقة أكثر مما يجب؟

هل سينعكس التصميم على صحة المستخدمين؟

فالمعماري لا يصمم مبنى فقط، بل يصمم تجربة مستدامة.

الانتقادات الموجهة لنظام LEED: هل هو كافٍ لوحده؟

رغم النجاح العالمي الواسع الذي حققه نظام LEED واعتماده في آلاف المشاريع حول العالم، إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور مجموعة من الانتقادات والحدود التي تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار، خاصة عند مقارنته بأنظمة تقييم استدامة أخرى.

أبرز الانتقادات:

1- التركيز على التصميم أكثر من الأداء الفعلي

رغم أن المشروع قد يحصل على تقييم مرتفع أثناء التصميم، إلا أن الأداء الفعلي بعد التشغيل قد لا يعكس نفس المستوى. أي أن "النقاط" لا تضمن دائمًا كفاءة التشغيل أو الاستهلاك المنخفض فعليًا.

2- إمكانية تجميع النقاط بشكل استراتيجي دون تحسين جوهري

بعض النقاط يمكن تحقيقها بسهولة نسبية دون إحداث تأثير كبير على استدامة المشروع، مما يسمح بالتركيز على "ما يرفع التقييم" لا بالضرورة ما يخدم البيئة والمجتمع بشكل حقيقي.

3- كلفة التسجيل والشهادات مرتفعة نسبيًا

بعض المشاريع الصغيرة أو في الدول النامية قد لا تكون قادرة على تحمل رسوم التسجيل، التوثيق، والتدقيق اللازم للحصول على الشهادة.

مقارنة مختصرة مع أنظمة أخرى:

Share the post

Subscribe to our newsletters

هل LEED وحده كافٍ؟ الجواب المختصر: ليس دائمًا.
يعتمد الأمر على نوع المشروع، أولويات المستخدمين، والبيئة المحيطة. على سبيل المثال:

· مشروع حضري ضخم قد يحتاج LEED + WELL لضمان البيئة + الصحة.

· مبنى سكني في أوروبا قد يجد BREEAM أكثر تكيّفًا مع القوانين المحلية.

· بينما مبنى ثقافي أو تراثي قد يحتاج حلولًا مصممة خصيصًا خارج التصنيفات المعهودة.

لكن بالتأكيد، LEED يظل نقطة انطلاق قوية ومرجعية عالمية لمن يريد دخول عالم التصميم الأخضر بشكل احترافي ومنهجي.

التصميم الواعي ليس خيارًا... بل ضرورة

لم تعد الاستدامة في التصميم مجرد ترف فكري أو خيار نخبوي، بل أصبحت ضرورة مهنية وأخلاقية لكل معماري ومهندس يسعى لبناء عالم أكثر إنصافًا وكفاءة.

أرقام تتحدث:

· حسب مجلس المباني الخضراء الأمريكي (USGBC)، فإن المباني الحاصلة على شهادة LEED عموماً:

تستخدم طاقة أقل بنسبة تصل إلى 25%.

تستهلك مياهًا أقل بنسبة تقارب 11%.

تُصدر انبعاثات كربونية أقل بنسبة تصل إلى 34% مقارنة بالمباني التقليدية.

· تم تسجيل أكثر من 100,000 مشروع حاصل على شهادة LEED في أكثر من 180 دولة، بمساحة تتجاوز 3 مليارات متر مربع حتى عام 2024.

كل هذه الأرقام تُمثّل تأثيرًا حقيقيًا على كوكبنا، لكنها تبدأ من قرار مصمم واحد أن يختار الاستدامة عن وعي.

إذا كنت معماريًا أو مهندسًا يسعى لترك أثر طويل الأمد، فإن فهم وتطبيق معايير مستدامة حقيقية يمنحك لغة مشتركة عالمية في التصميم، ويضعك ضمن نخبة من المحترفين الذين يبنون لا للحاضر فقط، بل للمستقبل.

سواء كنت تبدأ مسيرتك المهنية أو تسعى لتطوير بصمتك التصميمية، فإن الاستثمار في المعرفة العميقة حول هذه المعايير هو استثمار في البيئة، والناس، ونفسك كصانع للمكان.